فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (15)

ثم أردف هذه النعم الموجبة للتوحيد ، المفيدة للاستدلال على المطلوب بنعمة أخرى وآية كبرى ، فقال : { وألقى فِي الأرض رَوَاسِي } أي : جبالاً ثابتة ، يقال : رسا يرسو : إذا ثبت وأقام ، قال الشاعر :

فصبرت عارفة لذلك حرة *** ترسو إذا نفس الجبان تطلع

{ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } أي : كراهة أن تميد بكم على ما قاله البصريون ، أو لئلا تميد بكم على ما قاله الكوفيون ، والميد : الاضطراب يميناً وشمالاً ، ماد الشيء يميد ميداً تحرّك ، ومادت الأغصان تمايلت ، وماد الرجل تبختر { وأنهارا } أي : وجعل فيها أنهاراً ، لأن الإلقاء ، ها هنا بمعنى الجعل والخلق كقوله : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً منّي } [ طه : 39 ] . { وَسُبُلاً } أي : وجعل فيها سبلاً وأظهرها [ وَبَيّنَهَا ] لأجل تهتدون بها في أسفاركم إلى مقاصدكم . والسبل : الطرق .

/خ19