فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (15)

{ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 15 ) } .

ثم أردف هذه النعم الموجبة للتوحيد المفيدة للاستدلال على المطلوب بنعمة أخرى وآية كبرى فقال : { وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ } أي جبالا ثابتة يقال رسا يرسو إذا ثبت وأقام { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } أي كراهة أن تميد بكم على ما قاله البصريون أو لئلا تميد بكم على ما قاله الكوفيون والميد الاضطراب يمينا وشمالا يقال ماد الشيء يميد ميدا تحرك ومادت الأغصان تمايلت وماد الرجل تبختر قال قتادة : حتى لا تميد بكم كانوا على الأرض تمور بهم لا تستقر فأصبحوا صبحا وقد جعل الله سبحانه الجبال وهي الرواسي أوتادا في الأرض .

{ وَ } جعل فيها { أَنْهَارًا } لأن الإلقاء هنا بمعنى الجعل والخلق كقوله : { وألقيت عليك محبة مني } وذكر الأنهار عقب الجبال لأن معظم عيون الأنهار وأصولها تكون من الجبال قال السيوطي : كالنيل ولم يذكر في المثال غير هذا لأنه من أهل مصر .

{ وَ } جعل فيها { سُبُلاً } وأظهرها وبينها لأجل أن تهتدوا بها في أسفاركم إلى مقاصدكم من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان وهي الطرق ، وقال السدي : هي طرق في الجبال { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } بتلك السبل إلى ما تريدون فلا تضلون أو إلى توحيد ربكم .