السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

ولما ثبت بالدليل الصحيح والبرهان الواضح أنّ إله العالم لا شريك له في الإلهية وجب أن يكون جميع المخلوقات عبيده وفي ملكه وتصرفه وتحت قهره وذلك قوله تعالى : { وله } أي : الله ، وأعاد الضمير في قوله تعالى له على الله الاسم الأعظم ، العلم الجامع لجميع الأسماء الحسنى . { ما في السماوات والأرض } أي : ما تعبدونه وغيره ، فكيف يتصوّر أن يكون شيء من ذلك إلهاً ، وهو ملكه مع كونه محتاجاً إلى الزمان والمكان وغيرهما . { وله الدين } أي : الطاعة وقوله تعالى : { واصباً } أي : دائماً حال من الدين والعامل فيه ما في الظرف من معنى الفعل . قال ابن قتيبة : ليس من أحد يدان له ويطاع ، إلا انقطع ذلك لسبب في حال الحياة أو بالموت إلا الحق سبحانه وتعالى فطاعته واجبة أبداً ، ولأنه المنعم على عباده المالك لهم فكانت طاعته واجبة دائماً أبداً . وقوله تعالى : { أفغير الله } أي : الذي له العظمة كلها { تتقون } استفهام إنكار والمعنى : أنكم بعدما عرفتم أنّ إله العالم واحد ، وعرفتم أنّ كل ما سواه محتاج إليه في وقت دوامه وبقائه ، فبعد العلم بذلك ، كيف يعقل أن يكون للإنسان رغبة في غير الله تعالى ! أو رهبة من غير الله تعالى !