ولما بيّن تعالى أنّ الواجب على العاقل أن لا يتقي غير الله ، بيّن أنه يجب عليه أن لا يشكر أحداً إلا الله تعالى بقوله تعالى : { وما بكم من نعمة } أي : من نعمة الإسلام وصحة الأبدان وسعة في الأرزاق ، وكل ما أعطاكم من مال أو ولد أو جاه { فمن الله } ، هو المتفضل على عباده ، فيجب عليكم شكره على جميع إنعامه ؛ لأنّ الشكر إنما يجب على النعمة ، فثبت بهذا أنّ العاقل يجب عليه أن لا يخاف ، وأن لا يشكر إلا الله تعالى .
تنبيه : احتج أصحابنا بهذه الآية على أنّ الإيمان حصل بخلق الله فقالوا : الإيمان نعمة ، وكل نعمة فمن الله ، ينتج أنّ الإيمان من الله ، وأيضاً النعمة عبارة عن كل ما يكون منتفعاً به ، وأعظم الأشياء في النفع هو الإيمان ، فثبت أنّ الإيمان نعمة ، والمسلمون مطبقون على قولهم الحمد لله على نعمة الإيمان . والنعم إمّا دينية وإمّا دنيوية . أمّا النعم الدينية ، فهي إمّا معرفة الحق لذاته ، وإمّا معرفة الخير لأجل العمل به . والنعم الدنيوية إمّا نفسانية ، وإمّا بدنية ، وإمّا خارجية ، وكل واحد من هذه الثلاثة جنس ، تحته أنواع خارجة عن الحصر . كما قال تعالى : { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } [ إبراهيم ، 34 ] وقد مرّت الإشارة إلى ذلك عند ذكر هذه الآية .
ولما كان إخلاصهم له مع ادعائهم ألوهية غيره أمراً مستبعداً ، عبر بأداة التراخي والبعد في قوله تعالى : { ثم إذا مسكم } أي : أصابكم أدنى مس . { الضّرّ } بزوال نعمة مما أنعم به عليكم . وقال ابن عباس : يريد الأسقام والأمراض والحاجة . { فإليه } أي : لا إلى غيره { تجأرون } أي : ترفعون أصواتكم بالاستغاثة ، لما ركز في فطرتكم الأوّلية السليمة من أنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.