السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞ وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡـٔٗا} (9)

{ قال } أي : اللّه تعالى كما قال الأكثرون لأن زكريا إنما كان يخاطب اللّه ويسأله بقوله : { رب إني وهن العظم مني } أو الملك المبلغ للبشارة تصديقاً له لقوله تعالى : { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن اللّه يبشرك بيحيى } [ آل عمران ، 39 ] وأيضاً فإنه لما قال : { وقد بلغت من الكبر عتياً } قال : { كذلك } أي : الأمر كذلك فهو خبر مبتدأ محذوف ثم علله بقوله : { قال ربك } أي : الذي عوّدك بالإحسان فدل ذلك على أنه كلام الملك ، قال ابن عادل : ويمكن أن يجاب بأنه يحتمل أن يحصل النداآن نداء اللّه تعالى ونداء الملك ، ثم ذكر مقول القول فقال : { هو } أي : خلق يحيى منكما على هذه الحالة { عليّ } أي : خاصة { هين } أي : بأن أردّ عليك قوّة الجماع وأفتق رحم امرأتك للعلوق { وقد خلقتك } أي : قدّرتك وصوّرتك وأوجدتك { من قبل ولم } أي : والحال أنك لم { تك شيئاً } بل كنت معدوماً صرفاً وفيه دليل على أنّ المعدوم ليس بشيء ولإظهار اللّه تعالى هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال ليجاب بما يدل عليها ، وقرأ حمزة والكسائي بعد القاف بنون بعدها ألف والباقون بعد القاف بتاء مضمومة .