السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّهُۥٓ أَنَا ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

ولما تشوفت النفس إلى تحقق الأمر تصريحاً ، قال تعالى تمهيداً لما أراد سبحانه إظهاره على يد موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات : { يا موسى إنه } أي : الشأن العظيم الجليل الذي لا يبلغ وصفه ، وجملة { أنا الله } أي : البالغ في العظمة ما تقصر عنه الأوهام ، مفسرة له ، أو المتكلم ، وأنا خبر ، والله بيان له ، ثم وصف تعالى نفسه بوصفين يدلان على ما يفعله مع موسى عليه السلام : أحدهما : { العزيز } أي : الذي يصل إلى سائر ما يريد ولا يرده عن مراده راد ، والثاني : { الحكيم } أي : الذي يفعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير .

فإن قيل : هذا النداء يجوز أن يكون من عند غير الله تعالى ، فكيف علم موسى أنه من الله تعالى ؟ أجيب : بأنه سمع الكلام المنزه عن شائبة كلام المخلوقين لأنّ النداء أتاه من جميع الجهات وسمعه بجميع الحواس كما مر ، فعلم بالضرورة أنه صفة الله سبحانه وتعالى .