البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّهُۥٓ أَنَا ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

ولما آنسه تعالى ، ناداه وأقبل عليه فقال : { يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم } .

والظاهر أن الضمير في إنه ضمير الشأن ، وأنا الله : جملة في موضع الخبر ، والعزيز الحكيم : صفتان ، وأجاز الزمخشري أن يكون الضمير في إنه راجعاً إلى ما دل عليه ما قبله ، يعني : إن مكلمك أنا ، والله بيان لأنا ، والعزيز الحكيم صفتان للبيان . انتهى .

وإذا حذف الفاعل وبني الفعل للمفعول ، فلا يجوز أن يعود على الضمير على ذلك المحذوف ، إذ قد غير الفعل عن بنائه له ، وعزم على أن لا يكون محدثاً عنه .

فعود الضمير إليه مما ينافي ذلك ، إذ يصير مقصوداً معتنى به ، وهذا النداء والإقبال والمخاطبة تمهيد لما أراد الله تعالى أن يظهره على يده من المعجز ، أي أنا القوي القادر على ما يبعد في الأوهام ، الفاعل ما أفعله بالحكمة .