ثم أرى الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام آية تدلّ على قدرته ليعلم علم شهود وهي قوله تعالى : { وألق عصاك } فألقاها كما مرّ فصارت في الحال ، كما آذنت به الفاء حية عظيمة جدّاً ، ومع كونها في غاية العظم هي في نهاية الخفة والسرعة في اضطرابها عند محاولتها ما تريد { فلما رآها تهتز } أي : تضطرب في تحرّكها مع كونها في غاية الكبر { كأنها جان } أي : حية صغيرة في خفتها وسرعتها فلا ينافي ذلك كبر جثتها { ولى } أي : موسى عليه السلام ثم إنّ التولية مشتركة بين معان ، فلذا بين المراد منها بقوله تعالى : { مدبراً } أي : التفت هارباً منها مسرعاً جدّاً لقوله تعالى : { ولم يعقب } أي : لم يرجع على عقبه ولم يلتفت إلى ما وراءه بعد توليه .
تنبيه : قال الزمخشري : وألق عصاك معطوف على بورك لأنّ المعنى نودي أن بورك من في النار وأن ألق عصاك كلاهما تفسير لنودي ، والمعنى قيل : له : بورك من في النار ، وقيل له : ألق عصاك انتهى . وإنما احتاج إلى تقدير وقيل له ألق لتكون جمله خبرية مناسبة للجملة الخبرية التي عطفت عليها لأنه يرى في العطف تناسب الجمل المتعاطفة ، والصحيح كما قاله أبو حيان : أنه لا يشترط ذلك . ولما تشوّفت النفس إلى ما قيل له عند هذه الحالة أجيب : بأنه قيل له { يا موسى لا تخف } أي : منها ولا من غيرها ثقة بي ، ثم علل هذا النهي بقوله تعالى : مبشراً بالأمن والرسالة { إني لا يخاف لديّ } أي : عندي { المرسلون } أي : من حية وغيرها لأنهم معصومون من الظلم لا يخاف من الملك العدل إلا ظالم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.