فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّهُۥٓ أَنَا ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

{ يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم9 وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون10 إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم11 }

وكلم المولى- سبحانه- عبده موسى ، وناداه : يا موسى إن الحال والشأن- كما قال القرطبي : والصحيح أنها كناية عن الأمر والشأن- أنا المعبود بحق ، القاهر فوق الخلق ، الفعال لكل ما أريده بإحسان وإتقان ، وكان أول أمر الله تعالى إليه أن يرمي العصا التي كانت بيده ويطرحها ، فما إن سقطت من يمينه حتى قلبها ربنا القدير حية تتحرك ، فلما أبصرها موسى تتحرك بشدة اضطراب تراجع وفر موليها ظهره ، ولم يرجع على عقبه بعد نفوره وفراره منها ، فنودي : يا موسى ! لا تخف مطلقا- على تنزيل الفعل منزلة اللازم- أو : لا تخف من غيري- حية أو غيرها- فإن الشأن أنه لا ينبغي للرسل أن يخافوا حين يتنزل عليهم وحي القوي القدير ، [ وهذا إما لمجرد الإيناس دون إرادة حقيقة النهي ، وإما للنهي عن منشأ الخوف وهو الظن أن ذلك لأمر أريد وقوعه به ]{[2831]}لكن من أذنب من غير الأنبياء ثم أناب إلي فإني عظيم الغفران والستر والصفح عمن أقلع عن ذنبه ورجع إلى ما فيه مرضاة ربه ، وإني واسع الرحمة ، فلا أعذب المستغفرين ولا أدع التوابين بل أرضى عن الذين حسنت توبتهم( . . فأولئك يبدل الله سيآتهم حسنات . . ){[2832]}( . . إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ){[2833]} .


[2831]:مقتبس من روح المعاني، بتصرف.
[2832]:سورة الفرقان. من الآية 70.
[2833]:سورة البقرة. من الآية 222.