السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (19)

ولما نفى استواءهم أتبعه حال كلٍّ على سبيل التفصيل وبدأ بحال المؤمن بقوله تعالى : { أما الذي آمنوا وعملوا } أي : تصديقاً لإيمانهم { الصالحات } أي : الطاعات { فلهم جنات المأوى } أي : التي يأوي إليها المؤمنون فإنها المأوى الحقيقي والدنيا منزل مرتحل عنها لا محالة ، وهي نوع من الجنات قال الله تعالى : { ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 ) عند سدرة المنتهى ( 14 ) عندها جنة المأوى } ( النجم : 13 ، 15 ) سميت بذلك لما روى عن ابن عباس قال : تأوي إليها أرواح الشهداء وقيل هي عن يمين العرش { نزلاً } أي : عداداً لهم أول قدومهم قال البقاعي : كما يهيأ للضيف على ما لاح أي : عند قدومه { بما } أي : بسبب ما { كانوا يعملون } من الطاعات فإن أعمالهم من رحمة ربهم ، وإذا كانت هذه الجناب نزلاً فما ظنك بما بعد ذلك هو لعمري ما أشار إليه قوله صلى الله عليه وسلم : «ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر » وهم كل لحظة في زيادة لأن قدرة الله تعالى لا نهاية لها ، فإياك أن تخادع أو يغرنك ملحد .