فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (19)

{ أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون } يأوون إلى جنات أعدت لهم تكريما ، فقد دعوا فأجابوا الداعي ) والله يدعو إلى دار السلام . . ( {[3523]} ، وأما الذين خرجوا عن الصراط السوي ، وانشقوا عن الهدي إلى الغي ، فلهم النار معدة ، كلما طمعوا في الخروج منها أعيدوا فيها ، وحسرتهم الملائكة الخزنة قائلين : اصلوا ما أنتم فيه صابرين أو جزعين فما أنتم منها بمخرجين ، فقد كنتم بهذا المصير مكذبين ، وقسما لينالن عذابا عاجلا ، ولنأخذنهم بالبأساء والضراء في الدنيا لعلهم يرجعون إلى طريق الفوز والنجاة ، والاستقامة على منهاج الله ، من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ، ولعل مما يشهد لهذا المعنى قول الحق جل علاه : )ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون( {[3524]} ، ومضت سنة الله في الأولين وتمضي في الآخرين ، وكذلك فعل- جلت حكمته- بالفرعونيين : ) . . وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون( {[3525]} ، ومن أشد بغيا وأكثر ظلما ممن جاءه الهدى ، والآيات البينات- القرآنية منها والكونية – فأعرض واستكبر ، وصد عن الرشد والحق بعد ما تبين ، لا يهلك على الله تعالى إلا هالك ، ولن يفلت مجرم من بطشه القوي القهار ، )وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا . فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا( {[3526]} .


[3523]:سورة يونس. من الآية 25.
[3524]:سورة الروم. الآية 41.
[3525]:سورة الزخرف. من الآية 48.
[3526]:سورة الطلاق. الآيتان 8، 9.