السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

وقوله تعالى : { النار } في إعرابه ثلاثة أوجه ؛ أحدها : أنه بدل من سوء العذاب ، قاله الزجاج ، ثانيها : أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو أي : سوء العذاب النار لأنه جواب لسؤال مقدر وقوله تعالى : { يعرضون } على هذين الوجهين يجوز أن يكون حالاً من النار وأن يكون حالاً من آل فرعون ، ثالثها : أنه مبتدأ وخبره يعرضون { عليها غدواً وعشياً } أي : صباحاً ومساء ، قال ابن مسعود : أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدو وتروح إلى النار ويقال : يا آل فرعون هذه منازلكم حتى تقوم الساعة . وقال قتادة : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشياً ما دامت الدنيا . وروى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى يوم القيامة » .

ثم أخبر الله تعالى عن مستقر آل فرعون يوم القيامة بقوله سبحانه وتعالى : { ويوم تقوم الساعة } يقال لهم : { أدخلوا آل } أي : يا آل { فرعون } أي : هو بنفسه وأتباعه لأجل اتباعهم له فيما أضلهم به { أشد العذاب } وهو عذاب جهنم ، أجارنا الله تعالى نحن وأحباءنا منها فإنه أشد مما كانوا فيه أو أشد عذاب جهنم ، وهذه الآية نص على إثبات عذاب القبر كما نقل عن عكرمة ومحمد بن كعب ، وقرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الخاء وصلاً وابتداء على أمر الملائكة بإدخالهم النار ، والباقون بوصل الهمزة وضم الخاء وصلاً في الابتداء بضم الهمزة .