السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (33)

{ قد } للتحقيق { نعلم أنه } أي : الشأن { ليحزنك الذي يقولون } من التكذيب ، وقرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي والباقون بفتح الياء وضم الزاي { فإنهم لا يكذبونك } أي : بقلوبهم ولكن يجحدون بألسنتهم أو إنهم لا يكذبونك لأنك عندهم الصادق الموسوم بالصدق { ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } أي : يكذبون ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء ولكنهم كانوا يجحدون ، قال السدي : التقى الأخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام فقال الأخنس لأبي جهل : يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب فإنه ليس ههنا أحد يسمع كلامك غيري ؟ فقال أبو جهل : والله إن محمداً لصادق ما كذب محمد قط ولكن إذا ذهب بنو قصيّ باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوّة فماذا يكون لسائر قريش ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : ( أن أبا جهل قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم إنا لا نكذبك ولكنا نكذب الذي جئت به فأنزلت ) ووضع ( الظالمين ) موضع الضمير للدلالة على أنهم ظلموا في جحودهم والباء لتضمن الجحود معنى التكذيب ، وقرأ نافع والكسائي : يكذبونك ، بسكون الكاف وتخفيف الذال من أكذبه إذا وجده كاذباً أو نسبه للكذب ، والباقون بفتح الكاف وتشديد الذال من التكذيب وهو أن ينسبه إلى الكذب .