قوله : { قد نعلم إنه ليحزنك{[19668]} } الآية [ 34 ] .
المعنى : أن /{[19669]} ( قد ) في هذا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء وإيجابه وتصديقه ، و( نعلم ){[19670]} بمعنى : ( علمنا ){[19671]} . والتقدير : قد نعلم – يا محمد – إنه ليحزنك قولهم إنك كاذب{[19672]} ، وإنك ساحر{[19673]} .
{ فإنهم لا يكذبونك } جهلا منهم بصدقك ، بل أنت – فيما يسرون – صادق ، ولكنهم حسدوك فكذبوك ، وهم يعلمون أنهم ظالمون لك ، وأنك صادق ، هذا على قراءة من قرأ بالتشديد{[19674]} . قال أبو عمرو{[19675]} : وتصديقها { ولقد كذبت رسول من قبلك فصبروا على ما كذبوا }{[19676]} .
ومعنى قراءة التخفيف{[19677]} – عند الفراء والكسائي - : هو من قولهم : ( أكذبت الرجل ) ، إذا أخبرت أنه كاذب فيما قال فقط . و( كذّبته ) : إذا أخبرت أنه كاذب في كل ما يأتي به{[19678]} .
وحكى أبو عبيدة : ( أكذبت الرجل ) إذا أخبرت أنه جاء بالكذب ، و( كذّبته ) إذا أخبرت أنه كاذب{[19679]} .
وروي أن أبا جهل{[19680]} قال للنبي : إنا لا نكذبك ، ولكن نكذب ما جئت به ، فأنزل الله { فإنهم لا يكذبونك }{[19681]} .
ومعنى التشديد – عند غير هؤلاء – فإنهم لا ينسبونك إلى الكذب{[19682]} . ومعنى التخفيف فإنهم لا يجدونك كاذبا{[19683]} ، كما يقال : ( أحمدت الرجل ) ، إذا أصبته محمودا{[19684]} .
ويكون معنى التخفيف ( أيضا ){[19685]} : لا يبيِّنون{[19686]} عليك{[19687]} أنك كاذب ، يقال : ( أكذبته ) ، إذا احتججت عليه وبيّنت ( أنه كاذب ){[19688]} ، وقال قطرب : ( أكذبت الرجل ) : دللت{[19689]} على كذبه{[19690]} .
وروي أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله يوما وهو جالس حزين ، فقال له : ما يُحزنك ؟ ، فقال : كذّبني هؤلاء . فقال له جبريل : { فإنهم لا يكذبونك } هم يعلمون أنك صادق ، { ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون }{[19691]} .
ويروى أن الأخنس بن شريق الثقفي{[19692]} مر بأبي جهل ( بن هشام ){[19693]} يوم بدر ، فقال له : يا أبا الحكم ، أخبرني عن محمد ، ( أصادق ){[19694]} هو أم كاذب ؟ فإنه ليس هنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا ! ، فقال أبو جهل : ويحك ، والله إن محمدا لصادق ، وما كذب محمد قط ، ولكن إذا ذهبت{[19695]} بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والنبوة ، فما{[19696]} يكون لسائر قريش ؟ : فذلك قوله : { فإنهم لا يكذبونك } أي : عن يقين{[19697]} .
وقيل معناه : فإنهم لا يكذبونك ولكن يكذبون ما جئت به ، ( وروي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما نتهمك ، ولكن نتهم الذي{[19698]} جئت به ){[19699]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.