بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (33)

قوله تعالى :

{ قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُون } روى سفيان عن أبي إسحاق ، عن ناجية بن كعب قال : قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم ما نتهمك ولكن نتهم الذي جئت به ، فنزلت هذه الآية . وروى أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو حزين فقال : ما يحزنك ؟ قال : « كَذَّبَنِي هؤلاء » فقال : إنهم لا يكذبونك ، يعلمون أنك صادق فنزلت هذه الآية : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ } من تكذيبهم إياك في العلانية { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ } في السر ، ويعلمون أنك صادق . وكانوا يسمونه أميناً قبل أن يوحى إليه فلما أوحي إليه ، كذّبوه ، فقال : { ولكن الظالمين بآيات الله يَجْحَدُونَ } وهم يعلمون أنك صادق . والجحد يكون ممن علم الشيء ثم جحده كقوله تعالى : { وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين } [ النمل : 14 ] قرأ نافع والكسائي : { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ } بالتخفيف . وقرأ الباقون بالتشديد . فمن قرأ بالتخفيف فمعناه أنهم لا يجحدونك كاذباً . ومن قرأ بالتشديد فمعناه : أنهم لا ينسبونك إلى الكذب ، ولا يكذبونك في السر . وقرأ نافع : { يَحْزُنكَ } برفع الياء ، وكسر الزاي . وقرأ الباقون { لَيَحْزُنُكَ } بنصب الياء ، وضم الزاي ، ومعناهما واحد .