تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (33)

الآية 33 وقوله تعالى : { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون } هذا ، والله أعلم ، إخبار منه نبيه صلى الله عليه وسلم أنه على{[7033]} علم منه بتكذيبهم إياك [ حين ]{[7034]} بعثك إليهم رسولا ، وأمرك بتبليغ الرسالة إليهم ، وكان عالما بما يلحقك من الحزن بتكذيبهم إياك ، ولكن بعثك إليهم رسولا مع علم منه بهذا كله لتبلغهم بذكر هذا ، والله أعلم ليعلم رسوله أن لا عذر له في ترك تبليغ الرسالة ، وإن كذبوه في تبليغها .

ثم الذي يحمله على الحزن يحتمل وجوها : يحتمل يحزنه افتراؤهم وكذبهم على الله ، أو كان يحزن لتكذيب أقربائه وعشيرته إياه ؛ فإن أكذبته عشيرته انتهى الخبر إلى الأبعدين ، فيكذبونه ، فيحزن لذلك ، أو يحزن حزن طبع لأن طبع كل أحد ، ينفر عن التكذيب ، أو كان يحزن إشفاقا عليهم بما ينزل عليهم من العذاب بتكذيبهم إياه وأذاهم له كقوله تعالى : { فلعلك باخع نفسك } الآية [ الكهف : 6 ، والشعراء : 3 ] وكقوله تعالى : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] .

وقوله تعالى : { فإنهم لا يكذبونك } اختلف في تلاوته{[7035]} : قرأ بعضهم بالتخفيف ، وبعضهم بالتشديد والتثقيل ؛ فمن قرأ بالتخفيف لا يكذبونك أي لا يجدونك كاذبا قط ، ومن قرأ بالتثقيل { لا يكذبونك } أي لا ينسبونك إلى الكذب ، ولا يكذبونك في نفسك . ويحتمل قوله : { لا يكذبونك } في السر ، ولكن يقولون في ذلك في العلانية . والتكذيب هو أن يقال : إنك كاذب .

[ قوله تعالى ]{[7036]} : { ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } [ أي عادة الظالمين ]{[7037]} التكذيب بآيات الله . و{ الظالمين } يحتمل وجهين :

أحدهما : { الظالمين } على نعم الله ؛ عادتهم التكذيب بآيات الله .

[ والثاني ]{[7038]} { الظالمين } على أنفسهم لأنهم وضعوها في غير موضعها .


[7033]:- في الأصل وم: من.
[7034]:- ساقطة من الأصل وم.
[7035]:- قرأ نافع الكسائي بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد، انظر حجة القراءات ص (347).
[7036]:- ساقطة من الأصل و م.
[7037]:- من م، ساقطة من الأصل.
[7038]:- في الأصل و م: و.