النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (33)

قوله عز وجل : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ } يعني من التكذيب . لك ، والكفر بي .

{ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكذَّبونَكَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : فإنهم لا يكذبونك بحجة ، وإنما هو تكذيب بهت وعناد ، فلا يحزنك ، فإنه لا يضرك ، قاله أبو صالح ، وقتادة ، والسدي .

والثاني : فإنهم لا يكذبون قولك لعلمهم بصدقك ، ولكن يكذبون ما جئت به ، قاله ناجية بن كعب .

والثالث : لا يكذبونك في السر لعلمهم بصدقك ، ولكنهم يكذبونك في العلانية لعداوتهم لك ، قاله الكلبي .

والرابع : معناه أن تكذيبهم لقولك ليس بتكذيب لك ، لأنك رسول مُبَلّغ ، وإنما هو تكذيب لآياتي الدالة على صدقك والموجبة لقبول قولك ، وقد بين ذلك بقوله تعالى : { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي يكذبون .

وقرأ نافع والكسائي : { لاَ يكذبونكَ }{[869]} وهي قراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتأويلها : لا يجدونك كاذباً .


[869]:- روى عن علي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم أنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به فأنزل الله "فإنهم لا يكذبونك".