اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ} (28)

قوله : { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } ، يعني أعدلهم ، وأفضلهم وأعقلهم { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ : لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } أي : هلا تستثنون ، وكان استثناؤهم تسبيحاً . قاله مجاهدٌ وغيره ، وهذا يدل على أن هذا الأوسط كان يأمرهم بالاستثناء ، فلم يطيعوه .

قال أبو صالحٍ : كان استثناؤهم سبحان الله ، فقال لهم : «هَلاَّ تسبِّحُونَ اللَّهَ » ، أي تقولون : سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم .

وقال النحاس : أصل التسبيحِ التنزيه لله - عز وجل - ، فجعل مجاهد التسبيح في موضع إن شاء اللَّهُ ؛ لأن المعنى تنزيه الله أن يكون شيء إلا بمشيئته .

وقال ابن الخطيب{[57643]} : التسبيحُ عبارة عن تنزيهه عن كل سوء فلو دخل شيء في الوجود على خلاف إرادة الله تعالى ، لوجب عود النقص إلى قدرة الله تعالى ، فقولك : «إن شاء الله » مزيل هذا النقص ، فكان ذلك تسبيحاً .

وقيل : المعنى : هلاَّ تَسْتغفرونهُ من فِعْلكُم ، وتتوبون إليه من خبث نيتكم .

قيل : إنَّ القوم لمَّا عزموا على منع الزكاةِ واغتروا بالمال والقوة ، قال لهم أوسطهم : توبوا عن هذه المعصية قبل نزول العذابِ ، فلما رأوا العذاب ذكرهم أوسطهم كلامهُ الأول ، وقال : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } فحينئذ اشتغلوا بالتوبة


[57643]:ينظر: الفخر الرازي 30/79.