إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ} (4)

{ وَلَم يَكُنْ لهُ كفؤا أَحَدٌ } أيْ لم يكافئهُ أحدٌ ، ولَمْ يماثلهُ ولَمْ يشاكلهُ من صاحبةٍ وَغيرِهَا ، ولَهُ صِلةٌ لكفؤٍ قدمتْ عليهِ معَ أنَّ حَقَّهَا التأخرُ عَنْهُ للاهتمامِ بِهَا ؛ لأنَّ المقصودَ نفيُ المكافأةِ عنْ ذاتِهِ تعالَى ، وقدْ جوزَ أنْ يكونَ خبراً لا صلة ، ويكونَ كُفؤاً حالاً من أحدٍ ، وليسَ بذاكَ ، وأما تأخيرُ اسمِ كانَ فلمراعاةِ الفواصلِ ، ووجهُ الوصلِ بينَ هذهِ الجملِ غنيٌّ عن البيانِ ، وقُرِئ بضمِّ الكافِ والفاءِ معَ تسهيلِ الهمزةِ ، وبضمِّ الكافِ وَكسرِهَا معَ سُكُونِ الفاءِ هَذا ، ولانطواءِ السورةِ الكريمةِ معَ تقاربِ قُطْريها عَلى أشتاتِ المعارفِ الإلهيةِ والردِّ عَلى منْ ألحَدَ فيهَا ، وردَ في الحديثِ النبويِّ أنَّها تعدلُ ثلثَ القرآنِ ، فإنَّ مقاصدَهُ منحصرةٌ في بيانِ العقائدِ والأحكامِ والقصصِ ، ومَنْ عَدَلَها لكلمةٍ اعتبرَ المقصودَ بالذاتِ منْهُ .

ختام السورة:

رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنَّهُ قالَ : «أسستِ السماواتُ السبعُ والأرضونَ السبعُ عَلى { قُلْ هُو الله أحدٌ } » أيْ ما خلقتْ إلا لتكونَ دلائلَ عَلَى توحيدِ الله تعالَى ومعرفةِ صفاتِهِ التي نطقتْ بها هذِه السورةُ . وعنهُ عليهِ السَّلامُ أنه سمعَ رجلاً يقرأُ { قُل هُو الله أحدٌ } فقالَ : " وجبتْ " فقيلَ ما وجبتْ يا رسولَ الله ؟ قالَ : " وجبتْ لَهُ الجنةُ " .