إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفلق مختلف فيها ، وآيها خمس .

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الفلق } الفَلَقُ الصُّبْحُ كالفرقِ ؛ لأنَّه يفلقُ عنْهُ الليلُ ، والفرقُ فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ ، فإنَّ كُلَّ واحدٍ منَ المفلوقِ والمفلوقِ عنْهُ مفعولٌ ، وقيلَ : هُوَ ما انفلقَ منْ عمودِهِ ، وقيلَ : هُو كُلَّ ما يفلُقُهُ الله تعالَى كالأرضِ عنِ النباتِ ، والجبالِ عنِ العيونِ ، والسحابِ عنِ الأمطارِ ، والحبِّ والنَّوى عما يخرجُ منهُمَا ، وغيرُ ذلكَ .

وفِي تعليقِ العياذِ باسمِ الرَّبِّ المضافِ إلى الفلقِ ، المنبئ عنِ النورِ عقيبَ الظلمةِ ، والسَّعةِ بعدَ الضيقِ ، والفتقِ بعدَ الرتقِ ، عدةٌ كريمةٌ بإعاذةِ العائذِ مِمَّا يعوذُ منْهُ ، وإنجائِهِ منْهُ ، وتقويةٌ لرجائِهِ بتذكيرِ بعضِ نظائِرِهِ ، ومزيدُ ترغيبٍ لَهُ في الجدِّ ، والاعتناءِ بقرعِ بابِ الالتجاءِ إليهِ تعالَى ، وأمَّا الإشعارُ بأنَّ منْ قدرَ أنْ يزيلَ ظلمةَ الليلِ منْ هذَا العالمِ قدرَ أنْ يزيلَ عنِ العائذِ ما يخافُهُ كما قيلَ فَلاَ ؛ إذْ لا ريبَ للعائذِ في قدرتِهِ تَعَالَى عَلى ذلكَ حتى يحتاجَ إلى التنبيهِ عليهَا .