إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ} (3)

{ لَمْ يَلِدْ } تنصيصاً على إبطالِ زعمِ المفترينَ في حقِّ الملائكةِ والمسيحِ ، ولذلكَ وردَ النفيُ على صيغةِ الماضِي ، أيْ لَمْ يصدُرْ عنْهُ ولدٌ ؛ لأنَّهُ لا يجانسُهُ شيءٌ ليمكنَ أنْ يكونَ لهُ من جنسِهِ صاحبةٌ فيتوالدَ ، كما نطقَ بهِ قولُهُ تعالَى : { أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لهُ صاحبة } [ سورة الأنعام ، الآية 101 ] ، ولا يفتقرُ إلى ما يعينُهُ أو يخلفُهُ لاستحالةِ الحاجةِ والفناءِ عليهِ سبحانَهُ ، { وَلَمْ يُولَدْ } أيْ لمْ يصدُرْ عنْهُ شيءٌ لاستحالةِ نسبةِ العدمِ سابقاً ولاحقاً ، والتصريحُ بهِ معَ كونِهِم معرفينَ بمضمونِهِ لتقريرِ ما قبلَهُ وتحقيقه بالإشارةِ إلى أنَّهما متلازمانِ ؛ إذِ المعهودُ أنَّ ما يلدُ يولدُ ، ومَا لاَ فَلاَ ، ومنْ قضيةِ الاعترافِ بأنَّهُ لا يلدُ فهو قريبٌ منْ عطفِ ( لا يستقدمونَ ) عَلَى ( لا يستأخرونَ ) كمَا مرَّ تحقيقُهُ .