إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي مائة وإحدى عشرة آية .

مكية إلا الآيات 1 و 2 و 3 و 7 فمدنية وآياتها 111

{ الر } الكلامُ فيه وفي محله وفيما أريد بالإشارة والآياتِ والكتابِ في قوله تعالى : { تِلْكَ آيات الكتاب } عيْنُ ما سلف في مطلع سورةِ يونسَ { المبين } من أبان بمعنى بان أي الظاهرِ أمرُه في كونه من عند الله تعالى وفي إعجازه بنوعيه لاسيما الإخبارُ عن الغيب ، أو الواضحِ معانيه للعرب بحيث لا يشتبه عليهم حقائقُه ولا يلتبس لديهم دقائقُه لنزوله على لغتهم أو بمعنى بيّن أي المبين لِما فيه من الأحكام والشرائعِ وخفايا المُلكِ والملكوتِ وأسرارِ النشأتين في الدارين وغيرِ ذلك من الحِكَم والمعارف والقصص ، وعلى تقدير كونِ الكتاب عبارةً عن السورة فإبانتُه إنباؤُه عن قصة يوسفَ عليه السلام ، فإنه قد رُوي أن أحبارَ اليهودِ قالوا لرؤساء المشركين : سلوا محمداً صلى الله عليه وسلم لماذا انتقل آلُ يعقوبَ من الشام إلى مصر ، وعن قصة يوسفَ عليه السلام ففعلوا ذلك . فيكون وصفُ الكتابِ بالإبانة من قبيل براعةِ الاستهلالِ لما سيأتي ولمّا وُصف الكتابُ بما يدل على الشرف الذاتي عُقِّب ذلك بما يدل على الشرف الإضافي فقيل : { إِنَّا أنزلناه } .