إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} (32)

{ وَلاَ تَقْرَبُواْ } بمباشرة مباديه القريبةِ أو البعيدة فضلاً عن مباشرته وإنما نهى عن قُربانه على خلاف ما سبق ولحِق من القتل للمبالغة في النهي عن نفسه لأن قربانه داعٍ إلى مباشرته . وتوسيطُ النهي عنه بين النهي عن قتل الأولادِ والنهي عن قتل النفسِ المحرمة على الإطلاق باعتبار أنه قتلٌ للأولاد لِما أنه تضييعٌ للأنساب فإن من لم يثبُتْ نسبُه ميِّتٌ حكماً { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } فَعلةً ظاهرةَ القبح متجاوزةً عن الحد { وَسَاء سَبِيلاً } أي بئس طريقاً طريقُه ، فإن غصْبُ الأبضاعِ المؤدّي إلى اختلال أمر الأنسابِ وهيَجانِ الفتن ، كيف لا وقد قال النبي عليه السلام : « إذا زنى العبدُ خرجَ منه الإيمانُ فكانَ على رأسه كالظُّلّةِ فإذا انقطع رجعَ إليه » وقال عليه السلام : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال عليه السلام : « إياكم والزنى فإن فيه ستَّ خصال ثلاثٌ في الدنيا وثلاثٌ في الآخرة فأما التي في الدنيا فذهابُ البهاء ودوامُ الفقر وقِصَرُ العمر ، وأما التي في الآخرة فسخطُ الله تعالى وسوءُ الحساب والخلودُ في النار » .