{ وَلاَ تَقْفُ } ولا تتبعْ من قفا أثرَه إذا تبِعه ، وقرئ ولا تقُفْ من قاف أثرَه أي قفاه ، ومنه القافةُ في جمع القائف { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي لا تكن في إتباع ما لا علمَ لك به من قول أو فعل كمن يتّبعُ مسلكاً لا يدري أنه يوصله إلى مقصِده ، واحتج به من منع إتباع الظنِّ وجوابُه أن المرادَ بالعلم هو الاعتقادُ الراجحُ المستفادُ من سند قطعياً كان أو ظنيًّا واستعمالُه بهذا المعنى مما لا يُنكَر شيوعُه ، وقيل : إنه مخصوصٌ بالعقائد ، وقيل : بالرمي وشهادةِ الزورِ ويؤيده قولُه عليه الصلاة والسلام : « مَنْ قفا مؤمناً بما ليس فيه حبَسه الله تعالى في رَدْغة الخَبال حتى يأتيَ بالمخرج » ومنه قول الكميت : [ الوافر ]
ولا أرمي البريءَ بغير ذنب *** ولا أقفو الحواصِنَ إن رُمينا
{ إِنَّ السمع والبصر والفؤاد } وقرئ بفتح الفاءِ والواو المقلوبةِ من الهمزة عند ضم الفاء { كُلُّ أولئك } أي كلُّ واحد من تلك الأعضاءِ فأُجريت مُجرى العقلاءِ لما كانت مسؤولةً عن أحوالها شاهدةً على أصحابها . هذا وإن أولاء وإن غلب في العقلاء لكنه من حيث إنه اسمٌ لذا الذي يعُمّ القَبيلين جاء لغيرهم أيضاً قال : [ الكامل ]
ذُمَّ المَنازِلَ بعد مَنزِلَة اللِّوى *** والعيشَ بعدَ أولئِكَ الأيامِ{[502]}
{ كَانَ عَنْهُ مسؤولا } أي كان كلٌّ من تلك الأعضاء مسؤولا عن نفسه ، على أن اسمَ كان ضميرٌ يرجِعُ إلى كلُّ وكذا الضميرُ المجرورُ ، وقد جُوّز أن يكون الاسمُ ضميرَ القافي{[503]} بطريق الالتفات إذ الظاهرُ أن يقال : كنتَ عنه مسؤولا ، وقيل : الجارُّ والمجرور في محل الرفع قد أُسند إليه مسؤولا معللاً بأن الجارَّ والمجرور لا يلتبس بالمبتدأ وهو السببُ في منع تقديمِ الفاعلِ وما يقوم مقامَه .
ولكن النحاسَ حكى الإجماعَ على عدم جواز تقديمِ القائم مقامَ الفاعل إذا كان جاراً ومجروراً ، ويجوز أن يكون من باب الحذفِ على شريطة التفسيرِ ، ويحذف الجارّ من المفسر ويعود الضميرُ مستكناً كما ذكرنا في قوله تعالى : { يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } وجُوّز أن يكون مسؤولا مسنداً إلى المصدر المدلولِ عليه بالفعل وأن يكون فاعلُه المصدرَ وهو السؤالُ وعنه في محل النصب . وسأل ابن جني أبا علي عن قولهم : فيك يُرغب ، وقال : لا يرتفع بما بعده ، فأين المرفوع ؟ فقال : المصدرُ أي فيك يُرغب الرغبةُ بمعنى تُفعل الرغبة ، كما في قولهم : يُعطي ويمنع أي يفعل الإعطاء والمنع ، وجُوز أن يكون اسمُ كان أو فاعله ضميرَ كلُّ بحذف المضافِ أي كان صاحبه عنه مسؤولا أو مسؤولا صاحبُه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.