إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا} (37)

{ وَلاَ تَمْشِ في الأرض } التقييدُ لزيادة التقرير والإشعارِ بأن المشيَ عليها مما لا يليق بالمرح { مَرَحاً } تكبراً وبطراً واختيالاً وهو مصدرٌ وقع موقعَ الحال أي ذا مرحٍ أو تمرح مرحاً أو لأجل المرح ، وقرئ بالكسر { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأرض } تعليلٌ للنهي ، وفيه تهكّم بالمختال وإيذانٌ بأن ذلك مفاخرةٌ مع الأرض وتكبرٌ عليها أي لن تخرِقَ الأرض بدَوْسك وشدة وطأتك ، وقرى بضم الراء { وَلَن تَبْلُغَ الجبال } التي هي بعضُ أجزاء الأرض { طُولاً } حتى يمكن لك أن تتكبر عليها إذ التكبرُ إنما يكون بكثرة القوة وعِظَم الجثة وكلاهما مفقودٌ ، وفيه تعريضٌ بما عليه المختالُ من رفع رأسه ومشيِه على صدور قدميه .