إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا} (31)

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق } أي مخافةَ فقر ، وقرئ بكسر الخاء ، كانوا يئِدون بناتِهم مخافةَ الفقر فنُهوا عن ذلك { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } لا أنتم فلا تخافوا الفاقةَ بناء على علمكم بعجزكم عن تحصيل رزقِهم وهو ضمانٌ لرزقهم وتعليلٌ للنهي المذكور بإبطال موجِبه في زعمهم ، وتقديمُ ضميرِ الأولاد على المخاطَبين على عكس ما وقع في سورة الأنعام للإشعار بأصالتهم في إفاضة الرزقِ أو لأن الباعثَ على القتل هناك الإملاقُ الناجزُ ولذلك قيل : من إملاق وهاهنا الإملاقُ المتوقع ، ولذلك قيل : خشيةَ إملاقٍ فكأنه قيل : نرزقُهم من غير أن ينتقص من رزقكم شيءٌ فيعتريكم ما تخشَوْنه وإياكم أيضاً رزقاً إلى رزقكم { إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خطأ كَبِيراً } تعليلٌ آخرُ ببيان أن المنهيَّ عنه في نفسه منكرٌ عظيم ، والخِطْءُ الذنبُ والإثمُ يقال : خطِئ خِطْأً كأثِم إثماً ، وقرئ بالفتح والسكون وبفتحتين بمعناه كالحِذْر والحذَر ، وقيل : بمعنى ضد الصواب ، وبكسر الخاء والمد وبفتحها ممدوداً وبفتحها وحذف الهمزة وبكسرها كذلك .