البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} (32)

لما نهى تعالى عن قتل الأولاد نهى عن التسبب في إيجاده من الطريق غير المشروعة ، فنهى عن قربان الزنا واستلزم ذلك النهي عن الزنا ، والزنا الأكثر فيه القصر ويمد لغة لا ضرورة ، هكذا نقل اللغويون .

ومن المدّ قول الشاعر وهو الفرزدق :

أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه***ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا

ويروى أبا خالد .

وقال آخر :

كانت فريضة ما تقول كما . . . ****كان الزناء فريضة الرجم

وكان المعنى لم يزل أي لم يزل { فاحشة } أي معصية فاحشة أي قبيحة زائدة في القبح { وساء سبيلاً } أي وبئس طريقاً طريقه لأنها سبيل تؤدّي إلى النار .

وقال ابن عطية : و { سبيلاً } نصب على التمييز التقدير ، وساء سبيله انتهى .

وإذا كان { سبيلاً } نصباً على التمييز فإنما هو تمييز للمضمر المستكن في { ساء } ، وهو من المضمر الذي يفسره ما بعده ، والمخصوص بالذم محذوف ، وإذا كان كذلك فلا يكون تقديره وساء سبيله سبيلاً لأنه إذ ذاك لا يكون فاعله ضميراً يراد به الجنس مفسراً بالتمييز ، ويبقى التقدير أيضاً عارياً عن المخصوص بالذم ، وتقدّم تفسير قوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق } في أواخر الأنعام قال الضحاك : هذه أول ما نزل من القرآن في شأن القتل انتهى .