فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} (32)

ولما نهى سبحانه عن قتل الأولاد المستدعي لإفناء النسل ، ذكر النهي عن الزنا المفضي إلى ذلك لما فيه من اختلاط الأنساب فقال : { وَلاَ تَقْرَبُوا الزنا } وفي النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهي عنه بالأولى ، فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كانت حراماً كان المتوسل إليه حراماً بفحوى الخطاب ، والزنا فيه لغتان : المد ، والقصر . قال الشاعر :

كَانَتْ فَرِيضةُ مَا تَقُولُ كَمَا *** كان الزناء فريضةَ الرَّجْمِ

ثم علل النهي عن الزنا بقوله : { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } أي : قبيحاً متبالغاً في القبح ، مجاوزاً للحدّ { وَسَاء سَبِيلاً } أي : بئس طريقاً طريقه ، وذلك لأنه يؤدي إلى النار ، ولا خلاف في كونه من كبائر الذنوب . وقد ورد في تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم . ولما فرغ من ذكر النهي عن القتل لخصوص الأولاد ، وعن النهي عن الزنا الذي يفضي إلى ما يفضي إليه قتل الأولاد ، من اختلاط الأنساب ، وعدم استقرارها ، نهى عن قتل الأنفس المعصومة على العموم فقال : { وَلاَ تَقْتُلُوا النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق } .

/خ33