{ حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس } أي منتهى الأرضِ من جهة المغرب بحيث لا يتمكن أحدٌ من مجاوزته ، ووقف على حافة البحر المحيطِ الغربي الذي يقال له أوقيانوس الذي فيه الجزائرُ المسماة بالخالدات التي هي مبدأُ الأطوال على أحد القولين { وَجَدَهَا } أي الشمس { تَغْرُبُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي ذاتِ حَمأة وهي الطينُ الأسود من حمِئت البئرُ إذا كثرت حَمأتُها ، وقرئ حامية أي حارّة . روي أن معاوية رضي الله عنه قرأ ( حامية ) وعنده ابن عباس رضي الله عنهما فقال : ( حَمِئة ) ، فقال معاوية لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص : كيف تقرأ ؟ قال : كما يقرأ أمير المؤمنين ، ثم وجه إلى كعب الأحبار : كيف تجد الشمسَ تغرب ؟ قال : في ماء وطين . وروي في ثَأْط فوافق قول ابن عباس رضي الله عنهما ، وليس بينهما منافاةٌ قطعية لجواز كون العينِ جامعةً بين الوصفين وكونِ الياء في الثانية منقلبةً عن الهمزة لانكسار ما قبلها . وأما رجوعُ معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهم بما سمعه من كعب مع أن قراءته أيضاً مسموعةٌ قطعاً ، فلكون قراءةِ ابن عباس رضي الله عنهما قطعيةً في مدلولها وقراءتهِ محتمَلةً . ولعله لما بلغ ساحلَ المحيط رآها كذلك إذ ليس في مطمح بصره غيرُ الماء كما يلوح به قوله تعالى : { وَجَدَهَا تَغْرُبُ } { وَوَجَدَ عِندَهَا } عند تلك العين { قَوْماً } قيل : كان لباسُهم جلودَ الوحوش وطعامُهم ما لفَظه البحر ، وكانوا كفاراً فخيّره الله جل ذكره بين أن يعذبهم بالقتل وأن يدعوَهم إلى الإيمان وذلك قوله تعالى : { قُلْنَا يا ذا القرنين إِمَّا أَن تُعَذّبَ } بالقتل من أول الأمر { وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } أي أمراً ذا حُسْن على حذف المضافِ أو على طريقةِ إطلاقِ المصدر على موصوفة مبالغةً ، وذلك بالدعوة إلى الإسلام والإرشاد إلى الشرائع ، ومحلُّ أن مع صلته إما الرفعُ على الابتداء أو الخبرية وإما النصبُ على المفعولية ، أي إما تعذيبُك واقعٌ أو إما تفعلُ تعذيبَك وهكذا الحال في الاتخاذ ، ومن لم يقل بنبوته قال : كان ذلك الخطابُ بواسطة نبيَ في ذلك العصر أو كان ذلك إلهاماً لا وحياً بعد أن كان ذلك التخييرُ موافقاً لشريعة ذلك النبي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.