إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (190)

{ وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله } أي جاهِدوا لإعزاز دينِه وإعلاءِ كلمتِه ، وتقديمُ الظرفِ على المفعول الصريحِ لإبراز كمالِ العنايةِ بشأن المقدّم { الذين يقاتلونكم } قيل : كان ذلك قبل ما أُمِروا بقتال المشركين كافةَ المقاتلين منهم والمحاجزين وقيل : معناه الذين يناصبونكم القتالَ ويُتوقعُ منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ والصبيان والرُهبان والنساء أو الكفَرَةُ جميعاً ، فإن الكلَّ بصدد قتالِ المسلمين ويؤيد الأولَ ما رُوي أن المشركين صدُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الحُديبية وصالحوه على أن يرجِع من قابل فيُخَلّوا له مكةَ شرفها الله تعالى ثلاثةَ أيامٍ ، فرجَع لعمُرة القضاء فخاف المسلمون أن لا يفوا لهم وأن يقاتلوهم في الحَرم والشهرِ الحرام وكرِهوا ذلك فنزلت ؛ويعضُده إيرادُه في أثناء بيان أحكامِ الحج { وَلاَ تَعْتَدُواْ } بابتداء القتالِ أو بقتال المعاهَد والمفاجأة به من غير دعوةٍ ، أو بالمُثلة وقتلِ من نُهيتم عن قتلِه من النساء والصِّبيان ومن يجري مَجراهم { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين } أي لا يريد بهم الخير ، وهو تعليل للنهي .