فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (190)

{ في سبيل الله } في طريق مرضاته ووفاء بأمانات دينه .

{ لا تعتدوا } لا تتجاوزوا .

هذا أمر الله تعالى أن يحاربوا ويقاتلوا من يتهيأ لقتالهم أومن يتصدى لحربهم . والخطاب لجميع المسلمين لأن قوله { الذين يقاتلونكم } إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله ؛ أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم-{[610]} وفي صحيح مسلم عن بريدة أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يقول ( اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع( { ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } [ لا تعتدوا بقتال من نهيتم عن قتالهم غير المستعدين كالنساء والشيوخ والصبيان والذين بينكم وبينهم عهد ، أو بالمثلة والمفاجأة من غير دعوة الإسلام . . { إن الله لا يحب المعتدين } المتجاوزين عما شرع الله لهم ]{[611]} عن ابن عباس يقول ( لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده فإن فعلتهم هذا فقد اعتديتم ) 1ه . مما يقول علماء الأحكام . وللمرأة آثار عظيمة في القتال منها الإمداد بالأموال ومنها التحريض على القتال ، وقد يخرجن ناشرات شعورهن نادبات مثيرات معيرات بالفرار ، وذلك يبيح قتلهن غير أنهن إذا حصلن في الأسر فالاسترقاق أنفع لسرعة إسلامهن ورجوعهن عن أديانهن وتعذر فرارهن إلى أوطانهن بخلاف الرجال ؛ والرهبان لا يقتلون ولا يسترقون بل يترك لهم ما يعيشون به من أموالهم ؛ وهذا إذا انفردوا عن أهل الكفر لقول أبي بكر لزيد{[612]} : وستجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له ؛ والشيوخ من الكفار لا يقتلون إن كانوا لا يطيقون القتال ولا ينتفع بهم في رأي ، وأما مما كان تخشى مضرته بالحرب أو الرأي أو المال فهذا إذا أسر يكون الإمام فيه مخيرا بين خمسة أشياء : القتل أو المن أو الفداء أو الاسترقاق أو عقد الذمة على أداء الجزية ؛ والعسفاء{[613]} لا يقتلون ، قال عمر بن الخطاب : اتقوا الله في الذرية والفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب . 1 ه .


[610]:ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم.
[611]:ما بين العلامتين [] من تفسير غرائب القرآن.
[612]:هو يزيد بن أبي سفيان بن حرب أسلم يوم الفتح وعقد له أبو بكر رضي الله عنه سنة 13ه مع أمراء الجيوش إلى الشام وكان أول الأمراء الذين خرجوا إليها وتبعه أبو بكر راجلا وقال له... وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه ولا تغلل ولا تغبن.
[613]:هم الأجراء والفلاحون لما روي مرفوعا (الحق بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا)