التفسير : لما أمر في الآية المتقدمة بالتقوى ، أمر في هذه الآية بأشق أقسامها على النفس وهو المقاتلة في سبيل الله . عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن يقاتل في سبيل الله فقال : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولا يقاتل رياء ولا سمعة " { الذين يقاتلونكم } الذين يناجزونكم القتال دون المحاجزين أعني الذين هم بصدد القتال بالفعل دون التاركين . قيل : وعلى هذا يكون منسوخاً بقوله : { وقاتلوا المشركين كافة } [ التوبة : 36 ] ومنع بأن الأمر بقتال من يقاتل لا يدل على المنع من قتال من لا يقاتل . وكذا ما روي عن الربيع بن أنس : هي أول آية نزلت في القتال بالمدينة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من قاتل ويكف عمن كف . أو الذين يناصبونكم القتال دون من ليس من أهل المناصبة من الشيوخ والصبيان والرهبان والنساء ، أي : المستعدين للقتال سوى من جنح للسلم ، أو الكفرة كلهم لأنهم جميعاً مضادون للمسلمين قاصدون لمقاتلتهم مستحلون لها فهم في حكم المقاتلة قاتلوا أو لم يقاتلوا . وقيل في سبب نزول الآية إنه صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه لإرادة الحج ، فلما نزل بالحديبية وهو موضع كثير الشجر والماء صدهم المشركون عن دخول البيت فأقام شهراً لا يقدر على ذلك ، فصالحوه على أن يرجع ذلك العام ويعود إليهم في العام القابل ويتركوا له مكة ثلاثة أيام حتى يطوف وينحر الهدى ويفعل ما يشاء ، فرضي صلى الله عليه وسلم بذلك وصالحهم عليه وعاد إلى المدينة . وتجهز في السنة القابلة ثم خاف أصحابه من قريش أن لا يفوا بالوعد ويصدوهم عن المسجد الحرام وأن يقاتلوهم . وكانوا كارهين لقتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم . فأنزل الله هذه الآيات وبيّن له كيفية المقاتلة إن احتاجوا إليها فقال : { وقاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا } بابتداء القتال . وإنما كان ذلك في أول الأمر لقلة المسلمين ، ولكون الصلاح في استعمال الرفق واللين ، فلما قوي الإسلام وكثر الجمع وأقام من أقام منهم على الشرك بعد ظهور المعجزات وتكررها عليهم حصل اليأس من إسلامهم ، فأمروا بالقتال على الإطلاق . أو لا تعتدوا بقتال من نهيتم عن قتاله من غير المستعدين كالنساء والشيوخ والصبيان والذين بينكم وبينهم عهد ، أو بالمثلة ، أو المفاجأة من غير دعوة إلى الإسلام . وهذه المعاني الثلاثة بإزاء التفاسير الثلاثة في { الذين يقاتلونكم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.