إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوۡنَ أُجُورَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (185)

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت } وعدٌ ووعيدٌ للمصدِّق والمكذبِ ، وقرئ ذائقةٌ الموتَ بالتنوين وعدمِه كما في قوله : ولا ذاكرٌاً الله إلا قليلاً { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ } أي تُعطَوْن جزاءَ أعمالِكم على التمام والكمالِ { يَوْم القيامة } أي يوم قيامِكم من القبور ، وفي لفظ التوفيةِ إشارةٌ إلى أن بعضَ أجورِهم يصل إليهم قبله كما ينبئ عنه قوله عليه الصلاة والسلام : «القبرُ روضةٌ من رياض الجنة أو حُفرةٌ من حُفَر النيرانِ » { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار } أي بعُد عنها يومئذ ونجا والزحزحةُ في الأصل تكريرُ الزحِّ وهو الجذبُ بعجلة { وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ } بالنجاة ونيلِ المرادِ والفوزِ الظفر بالبُغية وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «من أحب أن يُزَحْزحَ عن النار ويدْخلَ الجنةَ فلتُدْرِكْه منيّتُه وهو يؤمن بالله واليومِ الآخِر ويأتي إلى الناس بما يحب أن يُؤتى إليه » { وَمَا الحياة الدنيا } أي لذاتها وزخارفُها { إِلاَّ متاع الغرور } شبِّهت بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويُغَرّ حتى يشتريَه ، وهذا لمن آثرها على الآخرة فأما من طلب بها الآخِرةَ فهي له متاعٌ بلاغٌ ، والغُرور إما مصدرٌ أو جمعُ غار .