الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوۡنَ أُجُورَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (185)

قوله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت } الآية .

أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن علي بن أبي طالب قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية . جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا ، وإياه فأرجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب . فقال علي : هذا الخضر .

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن حبان وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ، واقرأوا إن شئتم { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } " .

وأخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها . ثم تلا هذه الآية { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } " .

وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا بما عليها ، ولقاب قوس أحدهم في الجنة خير من الدنيا بما عليها " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : إن آخر من يدخل الجنة يعطى من النور بقدر ما دام يحبو فهو في النور حتى تجاوز الصراط . فذلك قوله { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } .

وأخرج أحمد عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه " .

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس . أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { فقد فاز } قال سعد : ونجا . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت قول عبد الله بن رواحة :

وعسى أن أفوز ثمت ألقى *** حجة أتقى بها الفتانا

وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن سابط في قوله { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } قال : كزاد الراعي يزوده الكف من التمر ، أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } قال : هي متاع متروك أوشكت والله أن تضمحل عن أهلها ، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم . ولا قوة إلا بالله .