فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوۡنَ أُجُورَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (185)

{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } وعظ ووعد ووعيد ، وعظ بأن الأولى دار ممر ، وأن الآخرة هي المستقر ، الأولى لعب وزينة وتفاخر وتكاثر والآخرة سعادة دائمة أو شقوة لا تنتهي . وفي الآية الكريمة وعد لأهل الصدق بالتنحية عن النار والفوز بالجنة مع الأبرار ووعيد للمغرورين أنهم سيحاسبون وسيجزون الجزاء الأوفى بما كانوا يعملون { فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى }{[1247]} ؛ { توفون } تعطون الأجور كاملة يوم الجزاء فأما -ما يقع من الأجور في الدنيا أو في البرزخ فإنما هو بعض الأجور ، والزحزحة : التنحية والإبعاد . . . { فاز } ظفر بما يريد ونجا مما يخاف . . اللهم لا فوز إلا فوز الآخرة ولا عيش إلا عيشها ولا نعيم إلا نعيمها فاغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واعرض عنا رضا لا سخط بعده واجمع لنا بين الرضا منك علينا والجنة -{[1248]} .

روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله وباليوم الآخر ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ) . وروى الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها ){[1249]} . وفي البخاري من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم باسمك أموت وباسمك أحيا ) وفيه ( خذ من حياتك لموتك ) .


[1247]:من سورة النزعات الآيات من 37 إلى 41.
[1248]:من فتح القدير في علم التفسير.
[1249]:وعند ابن أبي حاتم بزيادة " اقرؤوا إن شئتم {فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز} رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم.