غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (83)

45

ثم ختم السورة بتقرير المبدأ والمعاد على الإجمال . فقوله { بيده ملكوت كل شيء } إشارة إلى المبدأ . وقوله { وإليه ترجعون } إشارة إلى المعاد وإذا تقرر الطرفان فما بينهما الوسط المشتمل على التكاليف والرسالة ، فهذه الآية كالنتيجة للمقدمات السابقة في السورة . عن ابن عباس : كنت لا أعلم ما روي في فضائل يس وقراءتها كيف خصت بذلك فإذا أنه لهذه الآية . روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس " فذكر الإمام الغزالي رضي الله عنه أن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر وأنه مقرر في هذه السورة بأبلغ وجه فلذلك سماها قلب القرآن . وقال غيره : إن الأصول الثلاثة التي يتعلق بها نصيب الجنان وهي التوحيد والرسالة والحشر مكررة في هذه السورة . وليس فيها شيء من بيان وظيفة اللسان ولا العمل بالأركان . فلما كان أعمال القلب لا غير سماه قلباً ، ولهذا ورد في الأخبار أنه ينبغي أن تقرأ على الميت حالة النزع وذلك ليزداد بها قوة قلبه ، فإن الأعضاء الظاهرة وقتئذ ساقطة المنة ، والقلب مقبل على الله معرض عما سواه ولنا فيه وجه هو بالتأويل أشبه فلنذكره هناك .

/خ83

ختام السورة:

وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن قلب القرآن يس " لأن ذكره صلى الله عليه وسلم رمز إليه في أول السورة وفي آخرها . أما الأول فقد مر في تفسير لفظ { يس } وأما الثاني فلأن قوله { فسبحان } إلى آخره يدل على المبدأ والمعاد تصريحاً ، وعلى الرسالة ضمناً ، ولا ريب أن القلب خلاصة كل ذي قلب ، وإنه صلى الله عليه وسلم كان خلاصة المخلوقات وكان خلقه القرآن الذي نزل على قلبه ، وكأن فاتحة السورة وخاتمتها مبنية على ذكره منبئة عن سره كالقلب في جوف صاحبه فلأجل هذه المناسبات أطلق على { يس } أنه قلب القرآن والله ورسوله أعلم بأسرار كلامه .