إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ} (16)

{ أَئذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما } أي كان بعضُ أجزائِنا تُراباً وبعضُها عظاماً . وتقديمُ التُّرابِ لأنَّه منقلبٌ من الأجزاءِ الباديةِ . والعاملُ في إذا ما دلَّ عليه مبعوثونَ في قوله تعالى : { أَئنَّا لَمَبْعُوثُونَ } أي نُبعث لا نفسه لأنَّ دونَه خطوباً لو تفرَّدَ واحدٌ منها لكفى في المنعِ . وتقديمُ الظَّرفِ لتقويةِ الإنكارِ للبعث بتوجيههِ إلى حالةٍ منافيةٍ له غايةَ المُنافاة وكذا تكريرُ الهمزةِ في أئنا للمبالغةِ والتَّشديدِ في ذلك وكذا تحليةُ الجملةِ بأنْ واللاَّمِ لتأكيدِ الإنكارِ لا لإنكارِ التَّأكيدِ كما يُوهمه ظاهرُ النَّظمِ الكريمِ فإنَّ تقديمَ الهمزةِ لاقتضائها الصَّدارة كما في مثلِ قوله تعالى : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ سورة البقرة ، الآية44و76 . وسورة آل عمران ، الآية65 وغيرهما ] على رأي الجمهورِ ، فإنَّ المعنى عندَهُم تعقيبُ الإنكارِ لا إنكارُ التَّعقيبِ كما هُو المشهورُ . وقرئ بطرحِ الهمزةِ الأُولى وبطرحِ الثَّانيةِ فَقَطْ .