إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (61)

{ وَيُنَجّي الله الذين اتقوا } الشِّركَ والمعاصيَ أي من جهنَّم . وقرئ يُنْجِي من الإنجاء . { بِمَفَازَتِهِمْ } مصدرٌ ميميٌّ إما من فاز بالمطلوب أي ظفر به ، والباءُ متعلقة بمحذوفٍ هو حالٌ من الموصول مفيدةٌ لمقارنة تنجيتهم من العذاب لنيلِ الثَّواب أي ينجَّيهم الله تعالى من مَثْوى المتكبِّرينَ ملتبسين بفوزِهم بمطلوبِهم الذي هو الجنَّةُ . وقوله تعالى { لاَ يَمَسُّهُمُ السوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } إمَّا حالٌ أخرى من الموصول أو من ضميرِ مفازتِهم مفيدةٌ لكون نجاتِهم أو فوزِهم بالجنة غيرَ مسبوقةٍ بمساس العذاب والحزن . وإمَّا من فازَ منه أي نجا منه ، والباءُ للملابسة . قولُه تعالى : { لاَ يَمَسُّهُمُ } إلى آخرِه تفسيرٌ وبيانٌ لمفازتِهم أي ينجَّيهم الله تعالى ملتبسين بنجاتِهم الخاصَّةِ بهم أي بنفي السُّوءِ والحُزنِ عنهم أو للسَّببيةِ إمَّا على حذفِ المضافِ أي ينجيِّهم بسبب مفازتهم التي هي تقواهم كما يُشعر به إيراده في حيِّزِ الصِّلةِ ، وإمَّا على إطلاقِ المفازةِ على سببها الذي هو التَّقوى وليس المرادُ نفيَ دوام المساسِ والحزن بل دوامَ نفيهما كما مرَّ مراراً .