غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (61)

32

ثم حكى حال المتقين يومئذ قائلاً { وينجي الله الذين اتقوا } الشرك أو المعاصي كبائر وصغائر { بمفازتهم } هي " مفعلة " من الفوز . فمن وحد فلأنه مصدر ، ومن جمع فلاختلاف أجناسها فلكل متق مفازة وهي الفلاح . ولا شك أن الباء هي التي في نحو قولك " كتب بالقلم " . فقال جار الله : تارة تفسير المفازة هي قوله { لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون } فلا محل للجملة لأنه كأنه قيل : وما مفازتهم ؟ فقيل : { لا يمسهم السوء } أي في أبدانهم . { ولا هم يحزنون } يتألمون قلباً على ما فات . وقال : أخرى يجوز أن يراد بسبب فلاحهم أو منجاتهم وهو العمل الصالح ، وذلك أن العمل الصالح سبب الفلاح وهو دخول الجنة . ويجوز أن يسمى العمل الصالح في نفسه مفازة لأنه سببها . وعلى هذه الوجوه يكون قوله { لا يمسهم } منصوباً على الحال . وعن الماوردي أن المفازة هاهنا البرية أي بما سلكوا مفازة الطاعات الشاقة وهو غريب .

/خ75