الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (61)

قرىء : «ينجي » و«ينجي » { بِمَفَازَتِهِمْ } بفلاحهم ، يقال : فاز بكذا إذا أفلح به وظفر بمراده منه . وتفسير المفازة قوله : { لاَ يَمَسُّهُمُ السواء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } كأنه قيل : ما مفازتهم ؟ فقيل : لا يمسهم السوء ، أي ينجيهم بنفي السوء والحزن عنهم . أو بسبب منجاتهم ، من قوله تعالى : { فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مّنَ العذاب } [ آل عمران : 188 ] أي بمنجاة منه ؛ لأنّ النجاة من أعظم الفلاح ، وسبب منجاتهم العمل الصالح ولهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما المفازة بالأعمال الحسنة ، ويجوز : بسبب فلاحهم ؛ لأنّ العمل الصالح سبب الفلاح وهو دخول الجنة . ويجوز أن يسمى العمل الصالح في نفسه : مفازة ؛ لأنه سببها . وقرىء : «بمفازاتهم » على أن لكل متّق مفازة .

فإن قلت : { لاَ يَمَسُّهُمُ } ما محله من الإعراب على التفسيرين ؟ قلت : أما على التفسير الأوّل فلا محل له ؛ لأنه كلام مستأنف . وأما على الثاني فمحله النصب على الحال .