اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (61)

قوله : { وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ } قرأ الأَخوان وأبو بكر بمَفازَتهم{[47642]} جمعاً لمَّا اختلفت أنواع المصدر{[47643]} جُمْعَ كقوله تعالى : { وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } [ الأحزاب : 10 ] ، ولأن لكل متق نوعاً آخر من المفازة ، والباقون بالإفراد على الأصل .

وقيل : ثم مضاف محذوف أي بدَوَاعِي مفازتهم أو بأسبابها . والمفازَةُ المنجاة ، وقيل : لا حاجة إلى ذلك ، إذ المراد بالمفازة الفلاح{[47644]} . قال البغوي : لأن المفَازَةَ بمعنى الفَوْز أي يُنَجِّيهم بفوزهم من النار بأعمالهم الحسنة{[47645]} . وقال المبرد : المَفَازَةُ مَفْعَلَةٌ من الفَوْز والجمع حَسَنٌ كالسَّعَادَة والسَّعَادَاتِ{[47646]} .

قوله : { لاَ يَمَسُّهُمُ السوء } يجوز أن تكون هذه الجملة مفسرة لمفازتهم كأنه قيل : وما مفازتهم ؟ فقيل : «لا يمسهم السوء » فلا محل لها ، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من «الَّذِينَ اتَّقوا »{[47647]} .

ومعنى الكلام لا يصيبهم مكروهٌ ولا هم يحزنون .


[47642]:قراءة سبعية متواترة السبعة 563 والإتحاف 376.
[47643]:وقد نقل أبو حيان في البحر هذا عن أبي علي. انظر: البحر 7/437.
[47644]:الدر المصون 4/661.
[47645]:معالم التنزيل 6/83.
[47646]:نقله عنه البغوي في المرجع السابق ولم أهتد إليه في الكامل له.
[47647]:ذكرهما الزمخشري في كشافه 3/406 والتبيان 112. الأول الزمخشري والثاني أبو البقاء.