الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ } يعني من غزوة بني لحيان ثمّ بني المصطلق ، وهم حي من هذيل { لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ) .

{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فعزّة اللّه سبحانه قهر مَن دونه ، وعزّ رسوله إظهار دينه على الأديان كلّها ، وعزّ المؤمنين نصره إيّاهم على أعدائهم فهم ظاهرون .

وقيل : عزّة اللّه : الولاية ، قال اللّه تعالى

{ هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ } [ الكهف : 44 ] وعزّة الرسول : الكفاية قال اللّه سبحانه :

{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } [ الحجر : 95 ] وعزّ المؤمنين : الرفعة والرعاية قال اللّه سبحانه :

{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] وقال

{ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } [ الأحزاب : 43 ] .

وقيل : عزة اللّه الربوبية ، وعزّة الرسول : النبوّة . وعزّة المؤمنين : العبودية .

وكان جعفر الصّادق يقول : " من مثلي وربّ العرش معبودي ، من مثلي وأنت لي " .

وقيل : عزّة اللّه خمسة : عزّ الملك والبقاء ، وعزّ العظمة والكبرياء ، وعزة البذل والعطاء ، وعزّ الرفعة والغناء ، وعزّ الجلال والبهاء ، وعزّ الرسول خمسة : عزّ السبق والابتداء ، وعزّ الأذان والنداء ، وعزّ قدم الصدق على الأَنبياء ، وعزّ الاختيار والاصطفاء ، وعزّ الظهور على الأعداء ، وعزّ المؤمنين خمسة : عزّ التأخير بيانه : نحن السابقون الآخرون ، وعزّ التيسير بيانه :

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 17 ]

{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ } [ البقرة : 185 ] ، وعزّ التبشير بيانه :

{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } [ الأحزاب : 47 ] ، وعزّ التوقير بيانه :

{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [ آل عمران : 139 ] ، وعزّ التكثير وبيانه : إنهم أكثر الأُمم .

{ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }