إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

{ يَقُولُونَ لَئِن رجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل } رُوِيَ أن جَهْجَاهَ بنَ سعيدٍ أَجيرَ عمرَ رضيَ الله عنهُ نازعَ سِناناً الجُهْنَيّ حليفَ ابنِ أبيَ واقتَتلا فصرخَ جَهجاهُ يا للمهاجرينَ وسنانٌ يا للأنصارِ فأعانَ جهجاهاً رجالٌ من فقراءِ المهاجرينَ ولطمَ سناناً فاشتكى إلى ابْنِ أُبيَ فقالَ للأنصارِ لا تُنفقُوا الخ والله لئِن رجعنَا إلى المدينةِ ليُخرجَنَّ الأعزُّ منهَا الأذلَّ عَنَى بالأعزِّ نفسَهُ وبالأذلِّ جانبَ المؤمنينَ وإسنادُ القولِ المذكورِ إلى المنافقينِ لرضاهُم بهِ فردَّ عليهِم ذلكَ بقولِه تعالَى : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } أي ولله الغلبةُ والقوةُ ولمنْ أعزَّهُ من رسولِهِ والمؤمنينَ لا لغيرِهِم { ولكن المنافقين لاَ يَعْلَمُونَ } من فرطِ جهلِهِم وغرورِهِم فيهذُونَ ما يهذُون . رُوِيَ أنَّ عبدَ الله بنِ أُبيَ لما أرادَ أن يدخلَ المدينةَ اعترضَهُ ابنُهُ عبدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ أُبيَ وكان مخلصاً وقالَ لئِن لم تُقِرَّ لله ولرسولِه بالعزِّ لأضرِبَنَّ عنقَكَ فلمَّا رَأى منه الجِدَّ قال أشهدُ أنَّ العزةَ لله ولرسولِه وللمؤمنينَ فقالَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لابنهِ جزاكَ الله عن رسولِهِ وعن المؤمنينَ خيراً .