فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

ثم ذكر سبحانه مقالة شنعاء قالوها فقال : { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذلّ } القائل لهذه المقالة هو عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين ، وعنى بالأعزّ نفسه ومن معه ، وبالأذلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه ، ومراده بالرجوع رجوعهم من تلك الغزوة ، وإنما أسند القول إلى المنافقين مع كون القائل هو فرد من أفرادهم ، وهو عبد الله بن أبيّ ، لكونه كان رئيسهم وصاحب أمرهم ، وهم راضون بما يقوله سامعون له مطيعون . ثم ردّ الله سبحانه على قائل تلك المقالة فقال : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } أي القوّة والغلبة لله وحده ولمن أفاضها عليه من رسله وصالحي عباده لا لغيرهم . اللَّهم كما جعلت العزّة للمؤمنين على المنافقين فاجعل العزّة للعادلين من عبادك ، وأنزل الذلة على الجائرين الظالمين { ولكن المنافقين لاَ يَعْلَمُونَ } بما فيه النفع فيفعلونه ، وبما فيه الضرّ فيجتنبونه ، بل هم كالأنعام لفرط جهلهم ومزيد حيرتهم والطبع على قلوبهم .

/خ8