{ يقولون } أي : يوجدون هذا القول ويجدّدونه مؤكدين لاستشعارهم بأنّ أكثر قومهم ينكره { لئن رجعنا } أي : أيتها العصابة المنافقة { إلى المدينة } أي : من غزاتنا هذه ، وهي غزوة بني المصطلق حيّ من هذيل خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له : المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل { ليخرجنّ الأعز } يعنون أنفسهم { منها } أي : المدينة { الأذل } يعنون النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهم كاذبون في هذا لكونهم تصوروا لشدة غباوتهم أنّ العزة لهم ، وأنهم يقدرون على إخراج المؤمنين { وله } أي : والحال أنّ كل من له نوع بصيرة يعلم أنّ الملك الأعلى هو الذي له وحده { العزة } أي : الغلبة كلها { ولرسوله } لأنّ عزتّه من عزته { وللمؤمنين } فعزة الله قهره من دونه ، وكل من عداه دونه وعزة رسوله إظهار دينه على الأديان كلها ، وعزة المؤمنين نصر الله تعالى إياهم على أعدائهم { ولكن المنافقين } أي : الذين استحكم فيهم مرض القلوب { لا يعلمون } أي : لا يوجد لهم علم الآن ، ولا يتجدد في حين من الأحيان فلذلك هم يقولون مثل هذا الخراف .
روي أنه لما نزلت هذه الآية جاء عبد الله ولد عبد الله بن أبي ابن سلول الذي نزلت هذه الآيات بسببه كما مرّ إلى أبيه ، وذلك في غزوة المريسيع لبني المصطلق فأخذ بزمام ناقته ، وقال : أنت والله الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز . ولما أراد أن يدخل المدينة عبد الله بن أبي اعترضه ابنه حباب ، وهو عبد الله غير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه ، وقال «إن حباباً اسم شيطان » وكان مخلصاً ، وقال : وراءك والله لا تدخلها حتى تقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز وأنا الأذل ، فلم يزل حبيساً في يده حتى أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخليته . وروي أنه قال : لئن لم تقرّ لله ولرسوله بالعزة لأضربنّ عنقك ، فقال : ويحك أفاعل أنت ؟ قال : نعم ، فلما رأى منه الجدّ ، قال : أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه «جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيراً » .
فإن قيل : ما الحكمة في أنه تعالى ختم الآية الأولى بقوله تعالى : { لا يفقهون } وختم الثانية بقوله تعالى : { لا يعلمون } ؟ .
أجيب : بأنه ليعلم بالأولى قلة كياستهم وفهمهم ، وبالثانية حماقتهم وجهلهم . ويفقهون من فقه يفقه كعلم يعلم ، أو من فقه يفقه كعظم يعظم ، فالأوّل لحصول الفقه بالتكلف ، والثاني لا بالتكلف ، فالأول علاجي ، والثاني مزاجي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.