معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

وقوله : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } .

كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة من غزواته ، فالتقى رجل من المسلمين يقال له : جِعال وآخر من المنافقين على الماء فازدحما عليه ، فلطمه جعال ، فأبصره عبد الله بن أبي ، فغضب ، وقال : ما أدخلْنا هؤلاء القوم دارنا إلاّ لنُلطمَ ما لهم ؟ وكلهم الله إلى جعال ، وذوى جعال ! ، ثم قال : إنكم لم منعتم أصحاب هذا الرجل الطعام لتفرقوا عنه ، وانفضوا ، فذلك قوله : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ } . ثم قال عبد الله بن أبي : { لَئِن رَّجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْها الأَذَلَّ } وسمعها زيد بن أرقم ، فأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، ونزل القرآن : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، ويجوز في القراءة : «لَيُخْرَجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ » كأنك قلت : ليخرجن العزيز منها ذليلا ، قرأ بعضهم : لنُخْرِجَن الأعزَّ منها الأذل أي : لنخِرجن الأعزَّ في نفسه ذليلا .