جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَآثَاراً فِي الأرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ } .

يقول تعالى ذكره : أو لم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم بالله ، المكذّبون رسوله من قريش ، في البلاد ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ يقول : فيروا ما الذي كان خاتمة أمم الذين كانوا من قبلهم من الأمم الذين سلكوا سبيلهم ، في الكفر بالله ، وتكذيب رسله كانُوا هُمْ أشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً يقول : كانت تلك الأمم الذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشا ، وأبقى في الأرض آثارا ، فلم تنفعهم شدّة قواهم ، وعظم أجسامهم ، إذ جاءهم أمر الله ، وأخذهم بما أجرموا من معاصيه ، واكتسبوا من الاَثام ، ولكنه أباد جمعهم ، وصارت مساكنهم خاوية منهم بما ظلموا وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ وَاق يقول : وما كان لهم من عذاب الله إذ جاءهم ، من واق يقيهم ، فيدفعه عنهم ، كالذي :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهُ مِنْ وَاق يقيهم ، ولا ينفعهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

{ أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } مآل حال الذين كذبوا الرسل قبلهم كعاد وثمود . { كانوا هم أشد منهم قوة } قدرة وتمكنا ، وإنما جيء بالفصل وحقه أن يقع بين معرفتين لمضارعة أفعل من للمعرفة في امتناع دخول اللام عليه . وقرأ ابن عامر " أشد منكم " بالكاف . { وآثارا في الأرض } مثل القلاع والمدائن الحصينة . وقيل المعنى وأكثر آثارا كقوله : متقلدا سيفا ورمحا { فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق } يمنع العذاب عنهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

ثم ذكر تعالى لنفسه صفتين َبِّين ُعُرُّو الأوثان عنهما وهي{[9981]} في جهة الله تعالى عبارة عن الإدراك على إطلاقه ، ثم أحال كفار قريش وهم أصحاب الضمير في { يسيروا } على الاعتبار بالأمم القديمة التي كذبت أنبياءها فأهلكها الله تعالى .

وقوله : { فينظروا } يحتمل أن يجعل في موضع نصب جواب الاستفهام ، ويحتمل أن يكون مجزوماً عطفاً على { يسيروا } . و : { كيف } في قوله : { كيف كان عاقبة } خبر { كان } مقدم ، وفي { كيف } ضمير ، وهذا مع أن تكون { كان } الناقصة . وأما إن جعلت تامة بمعنى حدث ووقع ، ف { كيف } ظرف ملغى لا ضمير فيه .

وقرأ ابن عامر وحده : «أشد منكم » بالكاف ، وكذلك هي في مصاحف الشام ، وذلك على الخروج من غيبة إلى الخطاب . وقرأ الباقون : «أشد منهم » وكذلك هي في سائر المصاحف ، وذلك أوفق لتناسب ذكر الغيب .

والآثار في ذلك : هي المباني والمآثر والصيت الدنياوي ، وذنوبهم كانت تكذيب الأنبياء ، والواقي : الساتر المانع ، مأخوذ من الوقاية{[9982]} .


[9981]:هكذا في الأصول، وقد وفق بها قوله جوابا عنها: (عبارة عن الإدراك).
[9982]:و[واق] في موضع خفض معطوف على اللفظ، ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع، والرفع والخفض واحد، لأن الياء تحذف وتبقى الكسرة دالة عليها.