جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِيَ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ فقال بعضهم : عُنِي بالتين : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الزيتون الذي يُعْصر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قول الله : والتّينِ والزّيْتُونِ قال : تينكم هذا الذي يؤكل ، وزيتونكم هذا الذي يُعصر .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت الحكم يحدّث ، عن عكرِمة ، قال : التين : هو التين ، والزيتون : الذي تأكلون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : تينكم وزيتونكم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سُئل عكرِمة عن قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين تينكم هذا ، والزيتون : زيتونكم هذا .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يُؤكل ، والزيتون : الذي يعصر .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، جميعا عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : الفاكهة التي تأكل الناس .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سلام بن سليم ، عن خَصِيف ، عن مجاهد ( َالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : هو تينكم وزيتونكم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يُعصر .

حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبيّ ( ولتّينِ والزّيْتُونِ ) هو الذي ترون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) : التين تينكم ، والزيتون زيتونكم هذا .

وقال آخرون : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا رَوْح ، قال : حدثنا عوف ، عن يزيد أبي عبد الله ، عن كعب أنه قال في قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ )قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( والتّينِ ) قال : الجبل الذي عليه دمشق ( والزّيْتُونِ ) : الذي عليه بيت المقدس .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) ذُكر لنا أن التين الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الذي عليه بيت المقدس .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسألته عن قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون ، مسجد إيلياء .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر ، عن عكِرمة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : هم جبلان .

وقال آخرون : التين : مسجد نوح ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) يعني مجسد نوح الذي بني على الجُودِيّ ، والزيتون : بيت المقدس ، قال : ويقال : التين والزيتون وطور سينين : ثلاثة مساجد بالشام .

والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : التين : هو التين الذي يُؤكل ، والزيتون : هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت ، لأن ذلك هو المعروف عند العرب ، ولا يُعرف جبل يسمى تينا ، ولا جبل يقال له زيتون ، إلاّ أن يقول قائل : أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون . والمراد من الكلام : القسمَ بمنابت التين ، ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا ، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك ، دلالة في ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوّز خلافه ، لأن دمشق بها منابت التين ، وبيت المقدس منابت الزيتون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين مختلف فيها وآيها ثماني آيات .

بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون خصهما من الثمار بالقسم لأن التين فاكهة طيبة لا فصل له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع ، فإنه يلين الطبع ، ويحلل البلغم ، ويطهر الكليتين ، ويزيل رمل المثانة ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، ويسمن البدن ، وفي الحديث أنه يقطع البواسير وينفع من النقرس ، والزيتون فاكهة وإدام ودواء وله دهن لطيف كثير المنافع مع أنه قد ينبت حيث لا دهنية فيه كالجبال . وقيل : المراد بهما جبلان من الأرض المقدسة أو مسجدا دمشق وبيت المقدس أو البلدان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية ، لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين{[1]} .

اختلف الناس في معنى { التين والزيتون } اللذين أقسم الله تعالى بهما ، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل : هو { التين } الذي يؤكل { والزيتون } الذي يعصر ، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تيناً أهدي إليه ، فقال : «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم{[11890]} ، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس »{[11891]} ، وقال عليه السلام : «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي{[11892]} » ، وقال كعب وعكرمة : القسم بمنابتها ، وذلك أن { التين } ينبت بدمشق ، { والزيتون } ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين ، وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق ، وعلى الآخر بيت المقدس ، وقال ابن زيد : { التين } مسجد دمشق ، { والزيتون } مسجد إلياء ، وقال ابن عباس وغيره : { التين } مسجد نوح { والزيتون } مسجد إبراهيم ، وقيل { التين والزيتون وطور سينين } ، ثلاثة مساجد بالشام ، وقال محمد بن كعب القرظي : { التين } مسجد أصحاب الكهف ، و { الزيتون } مسجد إيلياء .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11890]:العجم: النوى. (وهي بفتح العين والجيم).
[11891]:نقله القرطبي في تفسيره قائلا: "وقال أبو ذر أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم سل تين فقال.... الخ" ولم أقف عليه في غير القرطبي.
[11892]:أيضا لم أقف على هذا الحديث بهذا النص، ولكن وجدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كلوا الزيت فإنه مبارك، وائتدموا به، وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة)، أخرجه أحمد (3/397)، وكل من الترمذي والدارمي في الأطعمة.