جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (14)

وقوله : وَلَنُسْكِنَنّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ هذا وعد من الله مَن وَعَد من أنبيائه النصر على الكفرة به من قومه ، يقول : لما تمادت أمم الرسل في الكفر ، وتوعّدوا رسلهم بالوقوع بهم ، أوحى الله إليهم بإهلاك من كفر بهم من أممهم ووعدهم النصر . وكلّ ذلك كان من الله وعيدا وتهديدا لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به وجراءتهم على نبيه ، وتثبيتا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمرا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه ، كما صبر من كان قبله من أولي العز من رسله ، ومعرّفَهُ أن عاقبة أمر من كفر به الهلاك وعاقبته النصر عليهم ، سُنّةَ اللّهِ في الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيدُ ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَلَنُسْكنَنّكُمْ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ قال : وعدهم النصر في الدنيا ، والجنة في الاَخرة .

وقوله : ذلكَ لِمَنْ خافَ مَقامي وَخافَ وَعِيدِ يقول جلّ ثناؤه : هكذا فِعْلى لمن خاف مقامه بين يديّ ، وخاف وعيدي فاتقاني بطاعته وتجنب سخطي ، أنصره على من أراد به سوءا وبغاه مكروها من أعدائي ، أُهلك عدوّه وأخزيه وأورثه أرضه ودياره . وقال : لِمَنْ خافَ مَقامي ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مقامه بين يديّ بحيث أقيمه هنالك للحساب ، كمَا قال : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ معناه : وتجعلون رزقي إياكم أنكم تكذبون ، وذلك أن العرب تضيف أفعالها إلى أنفسها ، وإلى ما أوقعت عليه ، فتقول : قد سررت برؤيتك وبرؤيتي إياك ، فكذلك ذلك . )

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (14)

{ ولنُسكننّكم الأرض من بعدهم } أي أرضهم وديارهم كقوله تعالى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها } وقرئ " ليهلكن " " وليسكننكم " بالياء اعتبارا لأوحى كقولك : أقسم زيد ليخرجن . { ذلك } إشارة إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين . { لمن خاف مقامي } موقفي وهو الموقف الذي يقيم فيه العباد للحكومة يوم القيامة ، أو قيامي عليه لا عمله وقيل المقام مقحم . { وخاف وعيد } أي وعيدي بالعذاب أو عذابي الموعود للكفار .