فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (14)

«وليسكننكم » بالياء اعتباراً لأوحى ، وأن لفظه لفظ الغيبة ، ونحوه قولك : أقسم زيد ليخرجن ولأخرجن . والمراد بالأرض . أرض الظالمين وديارهم ، ونحوه { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها } [ الأعراف : 127 ] ، { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وديارهم } [ الأحزاب : 27 ] . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " من آذى جاره ورثه الله داره " ولقد عاينت هذا في مدة قريبة : كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا منها ويؤذيني فيه ، فمات ذلك العظيم وملكني الله ضيعته ، فنظرت يوماً إلى أبناء خالي يتردّدون فيها ويدخلون في دورها ويخرجون ويأمرون وينهون فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحدّثتهم به ، وسجدنا شكراً لله { ذلك } إشارة إلى ما قضى به الله من إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين ديارهم ، أي ذلك الأمر حق { لِمَنْ خَافَ مَقَامِى } موقفي وهو موقف الحساب ، لأنه موقف الله الذي يقف فيه عباده يوم القيامة ، أو على إقحام المقام . وقيل : خاف قيامي عليه وحفظي لأعماله . والمعنى أنّ ذلك حق للمتقين ، كقوله : { والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ } [ الأعراف : 128 ] .